responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القاسمي = محاسن التأويل المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 458
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 164]
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ- في ارتفاع الأولى ولطافتها واتساعها وكواكبها السيارة والثوابت ودوران فلكها، وفي انخفاض الثانية وكثافتها وجبالها وبحارها وقفارها ووهادها وعمرانها وما فيها من المنافع- وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أي: اعتقابهما وكون كل منهما خلفا للآخر، فيجيء أحدهما ثم يذهب ويخلفه الآخر ويعقبه لا يتأخر عنه لحظة كقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً [الفرقان: 62] ، أو اختلاف كلّ منهما في أنفسهما ازديادا وانتقاصا كما قال: يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ [الحج: 61] ، أي: يزيد من هذا في هذا ومن هذا في ذاك. وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ أي: في تسخير البحر بحمل السفن من جانب إلى آخر لمعايش الناس والانتفاع بما عند أهل إقليم لغيره.
قال الراغب: ولما لم يكن فرق بين أن يقال: وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ وبين أن يقال: والبحر الذي يجري فيه الفلك، في أن القصد الأول بالآية أن يعرف منفعة البحر وإن أخر في اللفظ، قدم ذكر الفلك الذي هو من صنعتنا. ولما كان سبيلنا إلى معرفتها أقرب منه إلى معرفة صنعه- قدم ذكر الفلك لينظر منها إلى آثار خلق الله تعالى. وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ أي المزن مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بأنواع النبات والأزهار وما عليها من الأشجار بَعْدَ مَوْتِها باستيلاء اليبوسة عليها وَبَثَّ فِيها أي نشر وفرق مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ من العقلاء وغيرهم وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ أي: تقليبها في مهابها: قبولا ودبورا وجنوبا وشمالا، وفي أحوالها: حارة وباردة وعاصفة ولينة، فتارة مبشرة بين يدي السحاب، وطورا تسوقه، وآونة تجمعه، ووقتا تفرقه، وحينا تصرفه.
قال الثعالبي: إذا جاءت الريح بنفس ضعيف وروح فهي النسيم، فإذا كانت شديدة فهي العاصف، فإذا حركت الأغصان تحريكا شديدا وقلعت الأشجار فهي

اسم الکتاب : تفسير القاسمي = محاسن التأويل المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 458
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست